Bignon.jpg
زادت مشاركة الجهات الفاعلة من غير الدول في التعليم في أجزاء كثيرة من العالم خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث يروج أصحاب المصالح في مجال التعليم للتعليم الخاص كحل لعدم توفر الخدمه التعليميه من الحكومه ووجود المدارس العامة ذات الأداء الضعيف . ومع ذلك، فقد أثار التوسع السريع من الجهات الفاعلة من غير الدول في التعليم، ولا سيما تلك التي تجلب أرباح للشركات مخاوف من منظور حقوق الإنسان، كما أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في التعليم، و هيئات مراقبة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان.
في هذا النقاش، لا بد من التذكير بأن التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان، يكفله القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولكن كيف يتم تطبيق ذلك عند التعامل مع مؤسسات او جهات فاعله من غير الدول؟
منذ عام ٢٠١٤، ومشروع الحق في التعليم، والمبادرة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والشركاء على الصعيدين الوطني والدولي يعملون معا في محاولة لتوضيح طريقة تطبيق إطار حقوق الإنسان لهذه القضية المعقدة. الحق في التعليم، كما هو مبين في المعاهدات الدولية، يتضمن البعدين: المساواة الاجتماعية و الحرية . ويضمن القانون الدولي الحق في التعليم للجميع على أساس مبادئ المساواة وعدم التمييز، حيث يجب على الدول اتخاذ التدابير اللازمة لضمان التحقيق الكامل لهذه الابعاد والمعاير. من ناحية أخرى، يعترف الحق في التعليم بحريه الجهات الخاصة في إنشاء المؤسسات التعليمية وإدارتها، وذلك متصل مع حرية الاهل في ضمان التعليم الديني والأخلاقي لأولادهم و بناتهم وفقا لقناعاتهم الخاصة - والتي تتضمن حرية اختيار المدارس لأطفالهم سواء الخاصه او العامة.
يتمثل التحدي في إيجاد التوازن الصحيح بين حرية التعليم وضرورة ضمان المساواة الاجتماعية من خلال الحق في التعليم . استنادا إلى تحليل للقانون الدولي لحقوق الإنسان و البحث في أحد عشر بلدا، فضلا عن العديد من حلقات العمل للخبراء، حددنا مبدئيا خمسة مجالات من شأنها أن تتيح لنا تقييم دور الجهات الفاعلة من غير الدول في التعليم وفقا لمعايير حقوق الإنسان . المبدأ العام هو أنه في حين يعترف القانون الدولي لحقوق الإنسان بحرية التعليم، فإنه بذات الوقت يأطره بوضوح و يحد من ممارسته . توفر المجالات الخمسة التي حددناها فهم أولي حول القيود المفروضة على الدور والشروط التي بموجبها يجب على الجهات الفاعلة من غير الدول ان تلتزم بها لتستطيع القيام بتوفير الخدمات التعليمية، حيث يكون إشراك الجهات الفاعلة من غير الدول في التعليم متوافق مع معايير حقوق الانسان بحيث:
لا تؤدي الى اي نوع من انواع التمييز او الفصل او تخلق او تدعم عدم المساواة
لا تؤدي الى ايجاد حاله تكون بها المدارس الخاصه التي تستدعي دفع نفقات كخيار وحيد للتعليم الإلزامي
لا تؤثر سلبيا على رساله التعليم الإنسانيه بالدرجه الأولى
تخضع للمعاىير الدنيا للتعليم وتكون مراقبة ومنظمة بشكل جيد
ان يكون دور المؤسسات الخاصة في التعليم خاضعا للمسائلة العامة و معايير الشفافية والمشاركة.
آولا: مبادى عدم التمييز و المساواه
ان ممارسه الحق في حريه التعليم يجب ان لا يؤدي لأي شكل من اشكال التمييز أو زيادة عدم المساواة. يوضح القانون الدولي لحقوق الانسان انه من غير الممكن تحييد اي مجموعه من الاشخاص ( معاهده اليونسكو ضد التمييز في التعليم للعام ١٩٦٠ البند ٢)، كما ويحدد القانون الدولي لحقوق الانسان واجب الدولة والذي يترتب عليه ان لا يكون هناك اختلافات كبيرة بين فرص التعليم للمجموعات المختلفه (اللجنه الخاصه للحقوق الاقتصاديه و الاجتماعيه و الثقافيه- اللجنه العامه ١٣٬ ٣٠٬ ٣٩). اضافة الى ذلك، يجب على الدول ان تتاكد من ان تقديم الخدمات الاساسيه مثل التعليم من قبل القطاع الخاص لن يشكل تهديدا على قدرة الاطفال للوصول للخدمة بسبب التمييز وذلك بحسب لجنه حقوق الطفل البندين ١٦ و ٣٤
ثانيا: أن تكون المدارس الخاصه غير المجانيه خيارا
تعد معاهدات حقوق الإنسان واضحة حول استحقاق الجميع إلى التعليم المجاني في المرحلة الابتدائية، وأن التعليم المجاني يجب ان يصعد تدريجيا الى المرحلتين الثانوية والعليا (العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المادة ١٣.٢). لقد تم الاعتراف بالتعليم المجاني للجميع باعتباره عنصرا أساسيا للحق في التعليم (اللجنة المذكورة،١٣، الفقرة ٥١)، و قد قامت الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان بالتاكيد مرارا وتكرارا على أن الرسوم ينبغي ان تلغى في أقرب وقت ممكن، وأن ابقاءها يتعارض مع الحق في التعليم، بالاشارة الى ان الرسوم المدرسيه أيضا لها تاثير سلبي من ناحية التمييز. ان و جود المدارس الخاصة، والتي تتطلب رسوم أو تلك التي تعد منخفضة الجودة هي تهديد للحق في التعليم، خاصه اذا اصبحت الخيار الوحيد المتاح لبعض الناس، وعلاوة على ذلك، فإن المبدأ العام المنصوص عليه في المعاهدات هو أن تكون المؤسسات التعليمية الخاصة التي تفرض رسوم موجودة بالإضافة إلى المدارس العامة (العهد الدولي للحقوق الاقتصاديه و الاجتماعيه و الثقافيه ، المادة ١٣.٣) وأن الالتحاق بمثل هذه المدارس يجب أن يكون اختياري (١٩٦٠ اتفاقية اليونسكو، المادة ٢.ب). ونصت ايضا على أن الدول هي المسؤول الرئيسي عن التوفير المباشر للتعليم في معظم الظروف وتلتزم بإعمال الحق في التعليم، ولا سيما في المرحلة الابتدائية (اللجنة المذكورة، ١٣، الفقرة ٤٨)، ومن الواضح أن ضمان توفير التعليم المجاني للجميع بالضرورة يدل على التزام قوي من الدولة، سواء في التقديم المباشر، أو من خلال تمويل التعليم.
ثالثا: الرساله الانسانيه للتعليم
يجب الحفاظ على الطبيعه الإنسانية للحق في التعليم والتي تم تسليط الضوء مؤخرا عليها في ورقة نشرتها منظمة اليونسكو، بما في ذلك عندما يتم اشراك الجهات الخاصة. وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ينبغي توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بالكرامه، ويجب تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية (العهد الدولي للحقوق الاقتصاديه و الاجتماعيه و الثقافيه، المادة ١٣.١ واتفاقية حقوق الطفل المادة ٢٩). يجب ان تعزز القيم المنقولة في العمليات التعليمية، مثل المناهج وطرق التدريس والبيئة المدرسية، التمتع بالحقوق الأخرى حسب اللجنه الخاصه لاتفاقيه حقوق الطفل المادتين ١ و ٨
وينبغي أن يكون المبدأ الأساسي، وهو المصلحه الفضلى للطفل، في قلب كل أنظمة وعمليات التعليم. كما يتضح من اتفاقية حقوق الطفل: "الهدف العام من التعليم هو تعزيز قدرة الطفل والفرصة للمشاركة بشكل كامل وبطريقة مسؤولة في مجتمع حر. [...] ان التعليم الذي يركز بالدرجة الأولى على تراكم المعرفة، والذي يدفع المنافسة يؤدي إلى عبء زائد من العمل على الأطفال مما قد يعرقل بشكل كبير عمليه التنمية المتناغمة للطفل إلى أقصى إمكانات قدراته ومواهبه. [...]. المدارس يجب أن تخلق جوا إنسانيا وتسمح بتطور الأطفال وفقا لقدراتهم " حسب اللجنه الخاصه لاتفاقية حقوق الطفل ١، المادة١٢
اشار مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في التعليم، إلى "مهمة التعليم الانسانية" في سياق خصخصه التعليم : (١) "الحفاظ على المصلحة الاجتماعية في التعليم" و "إعطاء الأولوية للقيم الإنسانية المشتركة والطابع العام للتعليم ". (٢) الحفاظ على "التنوع الثقافي"، (٣) "عدم السماح للسعي وراء القيم المادية للتفوق على رسالة التعليم الانسانيه " و (٤) عدم السماح " للمدارس الخاصه بنشر القيم المواتية فقط لاقتصاد السوق ". ان نمو قطاع التعليم الخاص الذي من شانه تقويض هذه المبادى يكون مخالفا لإطار حقوق الإنسان.
رابعا: التناسب مع معايير التعليم الدنيا
يتعين على المؤسسات التعليمية الخاصة ان تتفق خدماتها مع المعايير التعليمية الدنيا المعمول بها أو وافقت عليها الدول (العهد الدولي للحقوق الاقتصاديه و الاجتماعيه و الثقافيه البنود ١٣.٣ و ١٣.٤؛ اتفاقية حقوق الطفل المادة ٢٩.٢)، ومن هذه المعايير ما يتعلق بقضايا مثل القبول والمناهج الدراسية والاعتراف بالشهادات، ويجب أن تكون متسقة مع الأهداف التعليمية المبينة في القانون الدولي (العهد الدولي للحقوق الاقتصاديه و الاجتماعيه و الثقافيه، المادة ١٣.١ واللجنة العامه ١٣، الفقرة ٤ واتفاقية حقوق الطفل، المادة ٢٩)، وهذا يتطلب دور تنظيمي قوي للدولة، والذي يتطابق مع التزامها بحماية الحق في التعليم من التجاوزات. لذلك، يجب على الدول اعتماد قوانين وسياسات ملائمة وتنفيذها ووضع اليات رصد قانونيه لضمان أن المؤسسات التعليمية الخاصة توفر تعليم جيد، فيما يتعلق بالبنية التحتية المناسبة، والبيئة المدرسية ومحتويات التعليم وطرق التعليم ووضع المعلمين/ات، فمثلا: أشارت لجنة حقوق الطفل أنه يجب على الدول اتخاذ تدابير محددة تأخذ بعين الاعتبار إشراك القطاع الخاص في تقديم خدمات التعليم لضمان الحق في التعليم-اتفاقية حقوق الطفل، اللجنه العامه ١٦، الفقرة ٣٤.
خامسا: مبادى الشفافيه والمشاركه
يجب ان تخضع الحرية لإنشاء المؤسسات التعليمية وإدارتها للتدقيق الديمقراطي واحترام مبادئ حقوق الإنسان من الشفافية والمشاركة (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة ٢١.١ العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية و المدنيه ، المادة ٢٥ آ). وهذا يعني أن القرارات والتطورات فيما يتعلق بنظام التعليم، بما في ذلك إشراك الجهات الخاصة يجب أن تتم بالتشاور مع ومشاركة الجماعات المختلفة في المجتمع، بما في ذلك الأكثر فقرا، وقد تم تسليط الضوء على هذا الالتزام ولا سيما عن طريق اتفاقية حقوق الطفل التي توصي بما يلي: "الدول الأطراف، عند النظر في التعاقد مع مزودي الخدمات من القطاع الخاص - إما تلك المؤسسات الربحيه او غير الربحيه ، أو دولية أو محلية - يجب إجراء تقييم شامل وشفاف حول الآثار السياسية والمالية والاقتصادية والحد من هذه الاثار المحتمله على حقوق المستفيدين بشكل عام والأطفال بشكل خاص. كما أكدت اللجنة "دور الرقابة على المستوى الوطني والتي تسعى إلى ضمان أن الأطفال والاهل والمعلمين لهم دور للمشاركة في القرارات ذات الصلة في التعليم" - اللجنه العامه ١ لاتفاقيه حقوق الطفل.
وقد طورت هذه المجالات الخمسة في إطار البحوث التي أجريت في أحد عشر بلدا، و تهدف هذه البحوث إلى تقييم مدى وجود أو نمو مؤسسات التعليم الخاص والتي تتماشى مع التزامات الدول في مجال حقوق الإنسان . ونتيجة لذلك ، فقد تم تصميم هذا الإطار الأولي كأداة لتقييم أي حالات غير متوافقة مع إطار حقوق الإنسان، لكن هناك مسائل اخرى متعلقه بحقوق الإنسان نتجت عن هذه البحوث من المهم التعامل معها و مناقشتها.
لهذا يقوم كل من مشروع الحق في التعليم والمبادره العالميه للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومؤسسسة المجتمع المفتوح بالتعاون مع عدد كبير من الشركاء بالعمل على تطوير مبادى اساسية شاملة مبنية على حقوق الانسان حول دور القطاع الخاص في التعليم، و من المرجح ان تكتمل هذه المبادى مع بداية عام ٢٠١٨. اذا كنتم/ن مهتمين/ات بهذه العملية، الرجاء الاتصال بنا.
ديلفين دورسي و سيلفان اوبري
(delphine.dorsi@right-to-education.org) (sylvain@globalinitiative-escr.org)
يمكنكم الوصول الى النص الاصلي المترجم من خلال هذا الرابط، مع جزيل الشكر للشبكة العالمية لوكالات التعليم في حالات الطوارئ (INEE) لترجمتها هذه المدونة.
ديلفين دورسي هي المنسقه الرئيسيه لمشروع الحق في التعليم. بدات ديلفين بالعمل في هذا المشروع في العام ٢٠١٢ كمسؤوله قانونيه و مسؤوله عن التواصل. عملت ديلفين سابقا في المكتب الرئيسي لليونسكو على مشروع الحق في التعليم. كما عملت مع عدد من المؤسسات غير الحكوميه في اوروبا و افريقيا منها منظمه العفو الدوليه و مؤسسه انقاذ الطفل و مؤسسه الدفاع عن الطفل العالميه. درست ديلفين الحقوق في فرنسا و اسبانيا و تحمل شهاده الماجستير في حقوق الانسان من جامعه ستراتسورغ. و هي ايضا متخصصه في حقوق الطفل من خلال شهاده تحملها من المعهد الدولي لحقوق الطفل في سويسرا
التعليقات
pops and the right to education
PPP schools in Uganda are causing segregation of children from poor backgrounds - who can't afford to pay the non tuition fees charged and the forced boarding facilities hence dropping out of the system. States thus need to regulate and monitor these schools with sanctions for those who go against the memorandum of agreements signed.
إضافة تعليق جديد